ناجاي تاكاشي
الحياة في
ناجاساكي وقت القنبلة النووية
永井隆
原爆の地長崎に生きて
كتابة: أكيكو هاشيزومي HASHIDZUME, Akiko 橋爪 明子
ترجمة: فوزي خيري
مقدمة:
أُسقطت أول قنبلة نووية (ذرية) في هيروشيما في العالم يوم 6 من شهر أغسطس عام 1945م، وبعد ثلاثة أيام في 9 من أغسطس أُسقطت قنبلة نووية أخرى في ناجاساكي، فوقع أكثر من مئاتا ألف شخصًا في هيروشيما وأكثر من مائة وخمسين ألفًا في ناجاساكي من المصابين والضحايا إثر القنبلة، وحتى من عاشوا بعد ذلك أصابوا بمرض القنبلة النووية؛ وهو مرض شنيع يُفسد أجزاء مختلفة من الجسم نتيجة لتعرضه لإشعاع نووي.
وكان ناجاي تاكاشي في ذلك الوقت في ناجاساكي وقد أصاب بمرض القنبلة النووية، وبجسده المريض هذا أستمر في مساعدة أولئك الذين يعانون، كان يقوم بالكثير من الأشياء حتى الإنسان الصحيح لا يقدر عليها، فماذا فعل يا ترى؟ وكيف كانت حياته؟
:نبذة عن ناجاي تاكاشي
وُلد ناجاي تاكاشي عام 1908م في
محافظة شيماني بمدينة ماتسوي، كان والده طبيبًا، وعندما أتم تاكاشي عامًا واحدًا انتقلت
عائلته للعيش في قرية داخل أحد الجبال وأصبح والده طبيب هذه القرية التي كانت
معيشتها قاسية في تلك الفترة. بالطبع لم يكن بها كهرباء أو غاز طبيعي أو إمدادات
مياه، ويموت الكثير لشدة الفقر والمرض. عمل والده بكل جهده ليساعد سكان القرية،
ووالدته كذلك تساعده في العمل، وعندما يحل الليل كانا الاثنين يتحدثان عن أمور
طبية تحت ضوء المصباح على الرغم من إرهاقهما من عملهما وقت الظهيرة ولكن هذا الوقت
بدا لهما ممتعًا، وأعتداد تاكاشي أن يرى هذا المشهد وهو على سريره وفكر أنه يريد
أن يصبح طبيبًا هو أيضًا ويساعد الكثير من الناس.
دراسته:
قدّم تاكاشي أداءً دراسيًا متميزًا
لذلك توقع الجميع أنه سيلتحق بالجامعة الإمبراطورية بطوكيو (جامعة طوكيو حاليًا)، لأن
في هذا الوقت كانت الجامعة الإمبراطورية هي الأكثر صعوبة بين كل الجامعات باليابان،
ولكن تاكاشي أختار الجامعة الصغيرة التي تدعى جامعة الطب بناجاساكي ( كلية الطب
البشري بجامعة ناجاساكي حاليًا)، وفي هذا الوقت لم يكن تاكاشي أو أي إنسانٍ آخر
بالعالم يعلم ما الذي سيحل بناجاساكي بعد سبعة عشر عامًا.
وألتحق تاكاشي بمدرسة الطب
بنجاساكي عام 1928م، وفي فترته الجامعية لم تكن اهتماماته منحصرة فقط على الدراسة
بل وكذلك العديد من الأمور الأخرى فمثلا شارك في نادي الشعر الياباني القصير
التانكي (شعر ياباني مكون من 31 مقطعًا صوتيًا فقط) وكان يرسم، لم يكن تاكاشي
بارعًا في الألعاب الرياضية ولكنه ضخم البنية لذلك فقد أقام نادي كرة السلة،
ويُقال إنه كان يتدرب أضعاف زملائه، كان تاكاشي دؤوبًا ويكمل ما بدأه في كل شيء.
كان يتردد تاكاشي على الجامعة من
منزل رجل يدعى موري-ياما، ويقع هذا المنزل في منطقة اوراكامي بمديينة ناجاساكي،
كان الأشخاص بهذا المنزل مؤمنين أقوياء بالمسيحية، وأمام البيت توجد كنيسة كاثوليكية،
وبعد سبعة عشر عامًا، وقعت قنبلة نووية على بعد خمسمائة مترًا من الكنيسة.
توجب على تاكاشي تحديد مجال تخصصه
الطبي عام 1932م وقت تخرجه، ولكنه أصاب بنزلة برد حينها وتحول لمرض شديد، قد تعافى
من المرض ولكنه أصبح ثقيل السمع لمدة من الزمن وبذلك لن يقدر
على استعمال سماعة الطبيب ولهذا السبب أختر تاكاشي قسم الأشعة السينية الذي لا
يُستخدم به السماعات الطبية.
انضمامه للجيش واعتناقه للمسيحية:
وغضون هذه الأوقات كانت حربًا بين الصين واليابان، حيث أرسلت اليابان جيوشًا لغزو الصين، وفي عام 1933م أتم تاكاشي عمر 25 وألتحق بالجيش وذهب إلى الصين كعسكري مجند وقام بدوره كجندي طبيب، بين الجنود الذين يموتون في الحرب والصينيون الذين يعانوا بسببها، كيف كان شعور تاكاشي يا ترى
ذات يوم، وصلت أمتعة لتاكاشي من
اليابان، أرسلتها أبنه منزل موري ياما وتدعى ميدوري، ومن بين تلك الأمتعة كان الإنجيل
المسيحي، حتى ذلك الوقت لم يشعر تاكاشي بأي اهتمام تجاه كتاب كهذا ولكن حينها قرأه
بحماس، وفورما عاد تاكاشي إلى اليابان أعتنق المسيحية وتزوج من ميدوري موري ياما.
في عام 1937م ذهب تاكاشي إلى الصين
مرة أخرى كجندي طبيب، لم يقم بمداواة الجنود اليابانيين فقط بل وكذلك الجنود
الصينيين والمدنيين بنفس الطريقة، وعندما سمع الصينيون ذلك جائوه الكثير من المرضى
والمصابون، ويقال إنه عام 1939م وخلال عام واحد قام تاكاشي بتقديم الرعاية الطبية
لأربعة آلاف صيني.
عندما عاد تاكاشي إلى اليابان عام
1940م أصبح أستاذًا مساعدًا بجامعة الطب بنجاساكي، وبدأ بالإنشغال بالعمل في
مستشفى المدرسة. كان تاكاشي أستاذًا شديد الصرامة ويوبخ من لا يعمل بجد، ولكن خارج
إطار العمل كان شخصًا لطيفًا ودافئًا للغاية، يحب إلقاء النكات ودائمًا ما يرسم
البسمة على من حوله، لذلك كان الذين يعملوا بالمستشفى يعتبرونه أبًّا لهم.
الحرب العالمية الثانية:
بدأت حرب بين اليابان والولايات
المتحدة عام 1941م، وحصل تاكاشي على درجة الدكتوراة عام 1944م وأصبح أكثر إنشغالًا
بعمله عمّا قبل، توجب على من يعملون بالمسشتفى الذهاب للحرب واحدًا تلو الآخر
وأضطر تاكاشي أن يقوم بعملهم بدلا عنهم، وفي هذه الفترة أصاب الكثير بمرض السُّل،
فالشخص المصاب بالسل ترتفع حرارته ويبدأ بالسعال ويصبح جسده هزيلًا وقد مات بسببه
الكثير، وبسبب فحوصات السل أصبح تاكاشي يستخدم الأشعة السينية يوميًّا ولعجز
الموارد نتيجة الحرب لم تكن أوراق الأشعة كافية فأضطر تاكاشي أن يقترب من آلة
الأشعة وينظر بنفسه من خلالها، ولذلك تعرض جسده لكمية كبيرة من الآشعة رغم أن
تاكاشي يعلم كم هذا خطيرًا لكنه أستمر بفعل هذا رغبًة منه في مساعدة الناس.
مرضه:
منهمكًا في عمله كل يوم ويعود
لبيته متأخرًا كل ليلة، يجد أطفاله نائمين عند عودته، وأحيانًا ينهار ويسقط من شدة
الإرهاق، وعندما يحدث هذا ترعاه زوجته ميدوري بلطف، كان يشعر تاكاشي بأنه مهما حدث
فإن مجرد وجود العائلة يعني له السعادة.
أصبح تاكاشي مريضًا في النهاية في شهر يونيو عام 1945م واسم مرضه هو اللوكيميا (سرطان الدم) والسبب هو الأشعة السينية، قال له الطبيب "لم يتبق لك سوى ثلاث سنوات لتعيشهم"، وكانت حادثة سقوط القنبلة النووية على ناجاساكي منذ شهرين من هذا الوقت.
سقوط القنبلة النووية:
في ذلك الوقت لم يكن هناك في بيت
تاكاشي سوى زوجته ميدوري حيث ذهب ابناه إلى بيت جدتهما وإنصرف تاكاشي لمستشفى
الجامعة. وفي تمام الساعة الحادية عشر ودقيقتان إذ فجأة ضرب ضوءٌ يكاد يُفقِد
الأبصار وصوتٌ مرتفع لا بشكل يُصدق ورياح شديدة، وفي طرفة عين تدمرت المستشفى
الجامعية. شاهد الأبنان السحابة الكبيرة فوق مدينة ناجاساكي من منزل جدتهما، وقد
كانت على شكل فطر عش الغراب ويستمر حجمه في الزيادة.
وتاكاشي أسفل أنقاض المبنى جارًحا
رأسه أصابة كبيرة لكنه أخيرًا تمكن من الخروج من غرفة المعمل، ولكن الذي رآه هنالك
...
ظل تاكاشي يساعد من بقي على قيد
الحياة والجرحى بينما ينزل الدم من رأسه، وأخذ يدخل المصابين بالحروق والجروح
الخطيرة إلى المستشفى، أولئك الأشخاص لا يمكن حصرهم، كانت قوة القنبلة الذرية
عظيمة لدرجة أن الإصابات والحروق كانت أكثر الأشياء فظاعة لم يرَ أحدًا مثلها حتى
وقتنا هذا، اشتعلت النيران في البلدة كلها وأخذت تنتشر بسرعة. – إن أستمر الوضع
هكذا، سيموت الجميع محروقين! –
حمل تاكاشي ورفقائه المصابين فوق
جبل آمن، لقد حُرقت معظم الأدوية والأدوات الطبية، ولم يكن عدد الأطباء والممرضين
كافيًا أيضًا، وأستمر الجرحى بالموت واحدًا تلو الآخر، حتى غير الجرحى قد تعرضوا
لكمية هائلة من الإشعاع فإذ يموتون وهم يعانون، كان هذا الجحيم على الأرض. أستمر
تاكاشي في مساعدة الآخرين بجسده المصاب باللوكيميا وفوقها الإصابة الكبيرة في رأسه
بلا راحة، إنهار وسقط العديد من المرات ولكن دائمًا ما يقف بعدها ويساعد الناس،
نصحه العديد ممن حوله أن يسترح قليلًا ولكن لم يستمع لهم.
بعد ثلاثة أيام، أستطاع تاكاشي أخيرًا
العودة إلى البيت التي كانت به زوجته، ولكن جميع ما بالمنطقة من حوله محروق ولم
يعد شيئًا، لم يتبق سوى حائط مدخل الكنيسة.
وقف تاكاشي في المكان الذي أعتاد
أن يكون مطبخ منزله ونظر أسفله، والذي وجده هناك...
عندما لمسه وجده مازال دافئًا
قليلًا، وعندما التقطه، كان خفيفًا للغاية ولكنه، مُدمر. السبحة الملتصقة بعظام
اليد فقط ما تبقى.
إسهاماته بعد الحرب:
لكن لم يكن لتاكاشي الوقت للنحيب
على موت زوجته، حيث ينتظر مساعدته الكثير من المرضى والجرحى، تنقل تاكاشي من قرية
إلى أخرى، يسير على قدميه أيام ويساعد المصابين، أُرهَق جسد تاكاشي وذات يوم إنهار
واستغرق في نوم عميق كالموت وأعتقد الجميع بالفعل أن تاكاشي سيموت على هذا الحال.
ولكنه أستيقظ بعد أسبوع وشعر الجميع حينها أنه شهد معجزة.
انتهت الحرب في 15 أغسطس 1945م
بخسارة اليابان، تاكاشي الذي قيل له قبل سقوط القنبلة بشهرين أنه سيموت خلال ثلاث
أعوام عاش، ومات الأشخاص الأصحاء بعافية بأعداد غفيرة. عاد السلام ولكن عانى
الكثير في هيروشيما وناجاساكي من أمراض القنبلة النووية.
تاكاشي المصاب باللوكيميا أصاب
أيضًا بمرض القنبلة النووية وعلى الرغم من جسده ذلك قرر بحزم أن يستمر في عمله.
فتاكاشي يستطيع معالجة أمراض القنبلة النووية بصفته طبيب آشعة، وهو نفسه مصاب بهذا
المرض فيستعمل جسده لإقامة الأبحاث عليه، والأهم من كل شيء أنه أراد أن يوصل رسالة
لجميع من بالعالم، -- عانى البشر وتحسروا بسبب القنبلة النووية، فهل رأيتم كم هي
الحرب عديمة المعنى؟ وما قيمة السلام؟ --
المباني تدمرت بسبب القنبلة لذلك
انتقلت الجامعة لمدينة بالجوار ونصح رفاق تاكاشي أنه من الأفضل له أن يسكن بجانبها
ولكنه أستمر في العيش بأوراكامي، معبرًا أنه يريد أن يبقى في أوراكامي ويرى
التغييرات الطارئة عليها بعد حادثة القنبلة، وأنه يريد أن يجعل المدينة والكنيسة
كما كانوا قبل الحرب.
أستمرت حالة تاكاشي في السوء حتى
أن السير أصبح عسيرًا عليه، ومع ذلك فكان يركب القطار البخاري من أوراكامي حتى الجامعة
كل يوم، وبجانب محاضراته وأبحاثه كان يكتب أيضًا مقالات لمجلات وجرائد ويقدم
الرعاية لطلابه، فلم يكن لديه وقتًا للراحة. وكذلك أصلح جرس الكنيسة مع رفاقه
المؤمنين المسيحيين حيث أن جميع من في المدينة تغمره السعادة عندما يسمع صوت هذا
الجرس في ليلة الكريسماس.
أصبح تاكاشي أستاذًا في الجامعة
عام 1946م، وفي شهر أغسطس من هذا العام كان قد مر عامًا على حادثة القنبلة وأكمل
تاكاشي كتابه (جرس ناجاساكي)، يضم هذا الكتاب أحداث سقوط القنبلة النووية وعن الإنفجار
والأمراض الناتجة عن الإشعاع بطريقة يفهمها الجميع مما جعل الكثير يقرأه، وبعد ذلك
كُتبَت أغاني ومسرحيات وأفلام تحكي هذه القصة فتأثرت مشاعر جميع اليابانيين.
وبالرغم من جسده المريض، أخذ يكتب
تاكاشي كتبًا عن القنبلة وعن أهمية السلام، وتمت ترجمة هذه الكتب للغات عديدة
وقرأها الكثير من الناس حول العالم. وبداخل كتبه أيضًا كتب عن حياته مع أبناءه وكيف
هي حياة ماكوتو وكايانو بدون والدتهم حيث كان يشعر بالشفقة تجاههم دائمًا. (عندما
أكون نصف نائمًا منشغل البال بمتى ستعود أبنتي من اللعب، تضع كايانو وجهها البارد
على وجهي وبعد فترة وجيزة تقول "... إنها رائحة أبي ..." هل سيتوجب علي
ترك هذه الطفلة ... وترك العالم في النهاية ... )
كسب تاكاشي الكثير من المال من
الكتب ولكنه لم يسخدمها لصالحه أبدًا، بل أستخدمها لأجل المرضى واليتامى، وبناء
كنيسة جديدة، وزرع أشجار في المدينة التي حُرقت بالكامل نتيجة القنبلة، استمر
تاكاشي في القيام بهذه الأشياء بينما يعاني من مرضه الثقيل.
جاء يزور تاكاشي العديد ممن تأثروا
بأعماله، ومع كل شخص يقابله يجاوب على استشارات كثيرة له، وأخذ يرد على الرسائل
التي تصله من جميع أنحاء اليابان واحدةً واحدة، كما جائه الإمبراطور الياباني
وبطريرك الكنيسة الكاثوليكية، وعندما جائته هيلن كيلر مسكا أيدي بعضهما وشعرا
بالسعادة، إن هيلن كيلر سيدة أمريكية كفيفة وصماء وخرساء ولكنها مجتهدة وأصبحت
امرأة متعلمة. فاللذين قابلوا تاكاشي تشجعوا من قوته رغم كل
الصعاب.
وفاته:
في خريف عام 1950م أرتفعت درجة
حرارته ولم تتراجع ومع ذلك استمر تاكاشي في الكتابة ولكن في أبريل 1951م أصبح غير
قادرًا حتى على مسك القلم، وتوفي في اليوم الأول من شهر مايو عن عمر 43 عام، فقد
عاش 6 سنوات بعدما قيل له "لم يتبق لك سوى ثلاث سنوات لتعيشهم"، وفي
جنازته جاء حوالي مئاتي ألف شخص وحزن الجميع على خسارته ورن جرس كنيسة أوراكامي –
جرس ناجاساكي – في أنحاء المدينة.
إن منزل تاكاشي (نيوكو-دو) الذي في
أوراكامي مازال قائمًا، وأقيم بجانبه متحف تذكار وهناك كتب وصور تاكاشي.
تذكار يوم القنبلة هو 6 من أغسطس
في هيروشيما و9 من أغسطس في ناجاساكي، فكل عام يأتي العديد من الزوار من حول
العالم يتجمعون في هاتين المدينتين يدعون بالسلام.
=======================
للأسف مش متوفر أي معلومات عن الراجل دا باللغة العربية غير الي ترجمته لحد دلوقتي 😥
صفحه العربي على ويكيبيديا فاضية لو عايز تعرف عنه أكتر قدامك الإنجليزي أو الياباني
أتمنى ألاقي مقالات عنه في المحتوى العربي قريب 💖
Comments
Post a Comment