الجسر الأحمر
على الرغم من أن هذا حدث خلال الصيف، أذكره كما لو حدث في الشتاء. ما حدث في تلك اللحظة لا يمكنني نسيانه أبدًا ومازلت أعود بذكرياتي للوراء وأذكره.
كنت في سنتي الجامعية الثانية، عندما عدت إلى منزلي في الريف في إجازة الصيف وراعتني أمي وبالغت في خدمتي كصغيرها المدلل. بسبب ذلك استطعت قضاء وقتي مسترخيا كل يوم. أنام واستيقظ وقتما أشاء، أضيع الوقت بين القراءة والأفلام، وإن شعرت برغبة في ذلك أدعو جاري صديقي ونذهب معا في رحلة بالسيارة إلى البحر وإلى الجبل. باختصار كنت أعيش حياة الجرادة من حكايات إيسوب.
وفي ليلة حارة ورطبة، دخلت إلى الحمام بعد العشاء ثم شاهدت برنامجا تلفزيونيا عَبِث ثم ذهبت إلى النوم.
أيقظني في منتصف الليل صوت بعوضة، لعلها دخلت من فتحات النافذة الشبكية، لم يكن بيدي خيار آخر ففتحت النور وتخلصت منها.
تبقى على راحة يدي آثار دماء والبعوضة المنسحقة. ظننتها قرصتني وتأكدت ولكن لم أجد أي أثر لقرصة، لا يهم إن كان دمائي، ولكن دماء الآخرين تشعرني بعدم الراحة والقرف.....
مسحت يداي بمنديل وأطفأت الأنوار وعدت للنوم.
قد يكون السبب في هذا أنني أخذت قيلولة طويلة أو ربما لأني شربت الجعة بعد خروجي من الحمام أو بسبب لعنة هذه البعوضة ... على أي حال لم أستطع النوم.
قمت من السرير وفتحت الأنوار، كانت الساعة قد أصبحت توًّا الثانية.
بدلت قميصي المندى بالعرق ودخلت المطبخ وغسلت يداي بالصابون، ثم بعدها ملأت كوبًا من الماء ولحظة ما شربته كله، سمعت صوت ضفادع من بعيد، عندما اختلست النظر من النافذة وجدت أنوار الشارع تتلألأ، وقد جذبني هذا الضوء، وأخذت أترنح مثل الحشرة حتى الباب الأمامي وفتحت الباب.
كانت المنازل من حولي مظلمة بالطبع، محلات البقالة التي في المنطقة غبية لا يوجد بها حتى آلات البيع الذاتي، حاولت الخروج لكن لم يكن لدي مكان أذهب إليه. ___ صحيح! هناك الحديقة التي اعتدت اللهو بها عندما كنت طفلا، لما لا أذهب هناك؟ وقد أستطيع التقاط بعض الخنافس هناك. وذهبت في تمشية ممتلئًا بالحماس كالصبي في وسط الليل.
لم أكن أسمع شيئًا سوى الضفادع وصوت صندلي يحتك بالأرض، ولكن كلما اقتربت من الحديقة يغطي صوت تيار النهر كل هذا. يوجد طريق ضيق أمام الحديقة، إن ذهبت إلى اليسار من هذا الطريق وذهبت في خط مستقيم ستجد جسرًا. هذا الجسر الحديدي، كان يدعى بين الأطفال بـ "الجسر الأحمر" ولكن الآن بهت لونه بالكامل وامتلأ بالصدى فأصبح أقرب للون البني عن الحمرة.
أصبحت أرى الحديقة، عندما عبرت الطريق الذي أمامها، لمحت امرأة تقف وحدها على الجسر وتحدق شاردة في النهر. في حوالي الثلاثين من عمرها وشعرها طويل ترتدي معطفًا رمادي اللون. ___ فكرت في نفسي: ما الذي تفعله في هذه الساعة؟ ولكن سألت نفسي هذا السؤال أيضًا. لم أهتم وأدرت عيني ناحية الحديقة، ولكن في اللحظة التالية لاحظت شيئًا غريبًا وتفاجئت.
معطف رمادي.. معطف؟ في الصيف؟!
وبخوفٍ وحذر نظرت ناحية الجسر، ووجدت أن السيدة قد اختفت... كاد قلبي يكسر ضلوعي من شدة الخفق. لا يوجد أي مكان لتختبئ فيه في وسط الجسر الطويل، وإن ركضت إلى مكان ما كنت سألاحظ بالتأكيد! هل ألقت نفسها في النهر؟ أم أنه أنا من أخطأت في الرؤية؟ لم أستطع سوى التفكير في هذين الاختيارين. ولكنني لم أعتقد أيضًا أن أيهما صحيح.
___ إنها شبح
"هـ هذا غير حقيقي.." ارتعش جذعي خوفا، لم تكن لدي الشجاعة كي أذهب إلى منتصف الجسر واتأكد مما حدث. صرخ صوتٌ من داخلي يقول لي "اهرب!". هرولت بكامل قوتي إلى البيت، وفي منتصف الطريق خُلع الصندل فتعثرت وكدت أسقط، وصلت البيت وسرعان ما قفزت إلى غرفتي ودفنت نفسي أسفل الغطاء. مازال جسدي مرتعدًا ويرتعش من شدة الخوف.
أصبحت الساعة العاشرة صباحًا تقريبًا واستيقظت أخيرًا. نمت بعمق عكس ما توقعت، ما حدث بالأمس بان لي حلمًا ولكن عندما وقفت آلمتني ساقاي وأصبعي الصغير ألمًا نابضًا، بالتفكير في الأمر فعندما خُلع مني الصندل تعثرت في حجر .... أيعني هذا أنه كان حقيقيًا بعد كل شيء....
غسلت وجهي في الحوض ولكن لم يفارقني شعور الاكتئاب. عندما كنت أحمص خبز التوست في المطبخ انتهت أمي من نشر الغسيل وجاءت لنشرب الشاي معًا. ومن دون سابق إنذار فكرت أن أخبر أمي عما حدث لي، فبالتأكيد ستقول شيئًا مثل "لا تقل تلك الأشياء الغبية فهذا الكلام من المستحيل!" ونضحك سويًا.
فبدأت بالحديث بينما أدهن الزبدة على خبز التوست.
"اسمعي يا أمي، ليلة أمس قد ..."
ولكن شحب لون وجه أمي في منتصف كلامي وهي تسمعني، وعندما انتهيت من الحديث وضعت أمي قدح الشاي على الطاولة وهي صامتة.
"سأخبرك بشيء.... في شتاء العام الماضي، ماتت امرأة في التيار العلوي من هذا النهر. سمعت أنه غير معروف إذا كان حادثًا أو انتحارًا ..."
"ماذا؟!"
سقط خبز التوست الذي كدت أقطمه من يدي اليسرى، وفي الوقت نفسه شعرت وكأن جسدي قد تجمد.
فكرت في الذهاب إلى المكتبة والبحث عن مقالات جريدية عن هذا الحادث ولكن لن يغير هذا شيئًا.... وفي النهاية، خرجت للتمشية في حديقة المنزل غير قادرٍ على التركيز في الكتب أو الأفلام.
كان هناك زهور عباد الشمس مزروعة بطول الطريق. إنها زهرة أمي المفضلة. بدت زهور عباد الشمس لي حزينة أثناء شمس الغروب. فتلك المرأة، حتى لو لم تنتحر، أتساءل كيف شعرت وهي تتجه إلى النهر في الشتاء البارد المظلم. ألم يكن يمكنها الخبز بشكل مستقيم مثل عباد الشمس هذا دون التفكير كثيرًا في صعوبات الحياة؟ فهذا شيء لا يفهمه جرادة مثلي....
خطرت لي فكرة فجأة بينما كنت أحدق في عباد الشمس، فالتقطت مقصًا من البيت وعدت. ثم وقفت أمام أجمل زهرة عباد شمس متفتحة. ___ سأعتذر لأمي لاحقًا.
مشيت وعباد الشمس بيدي، وقد لونت شمس الغروب الجسر باللون البرتقالي. ذهبت حتى منتصف الجسر وألقيت عباد الشمس في النهر. وبعدها ضممت يداي وصليت من أجل المرأة.
أتمنى أن تكون الامرأة قادرة على عبور الجسر الذي بين هذا العالم والعالم الآخر....
بفعلي هذا فقد خطوت سلمة في سلم النضوج وأخيرًا تخرجت من صومعة الجرادة ونضجت كنملة عاملة جادة.
أذهب للعمل حتى في الشتاء البارد. أثناء قيامي بذلك، أمر أحيانًا بامرأة ذات شعر طويل وترتدي معطفًا رماديًا. عندها أتوقف فجأة واستدير، أجدها هناك. أمسك صدري بارتياح. ومع ذلك، إن تصورت أنها ليست موجودة ... يتجمد جسدي بالكامل مجددًا وأتذكر ليلة الجسر الأحمر.
________في ثقافة الزِن، عبور الجسر يرمز إلى الرحلة بين العالم الفاني إلى الحياة الآخرة وتطهير المرء من الأعباء الدنيوية. من خلال هذه الرحلة يختبر الفرد إحساسًا رمزيًا بالنقاء والسلام الداخلي والاتحاد مع الطبيعة.
ولعل أكثر الجسور اليابانية شهرة هو الجسر الأحمر المقوس، دلالة الجسر نفسها أما اللون الأحمر فلديه دلالة منفردة.
اللون الأحمر لون مهم في الثقافة اليابانية؛ حيث يمثل الحكمة والتحول وكل ما هو مقدس، وهو لون متشابك جدا من الزن، وبالتالي يشجع الفرد على رفض الأشياء الدنيوية في رحلته عبر الجسر.
________
تتحدث قصة الجرادة والنملة عن جرادة كانت ذات يوم في غاية السعادة، فظلت تلعب وتغني طوال اليوم، وكان الجو دافئا في غاية الروعة، وكان هناك من الطعام ما يكفي جميع الحيوانات، فكانت كل الحيوانات في منتهى السعادة. وفي أحد الأيام قابلت الجرادة نملة، وقد كانت مشغولة بجمع الطعام، وتعمل بجد وجهد، فقالت لها: لماذا تعملين بجد، وهناك الكثير من الطعام؟! فردت عليها النملة: ليكون عندنا طعام غدًا، فسخرت منها الجرادة، وقالت لها: عليك أن تلعبي وتستمتعي بوقتك. ابتعدت الجرادة عن النملة، ومرت الأيام، وعلمت الحيوانات أنه سيكون هناك أمطار كثيرة، وسيمتد هطولها لفتره طويلة، فأصبحت جميع الحيوانات مشغولة بجمع الطعام، ولازالت الجرادة تلعب. جاء فصل الشتاء فأصبحت الأرض مبللة بالمياه، وملأت المياه كل مكان، ولكن النملة بقيت دافئة، ولم تتبلل، بينما الجرادة حزينة لعدم وجود طعام لديها، فذهبت إلى النملة واعتذرت لها، فقبلت منها النملة الاعتذار، وقدمت لها الطعام. (باختصار الجرادة مهملة والنملة جادة في عملها)
________
على الرغم من أن هذا حدث خلال الصيف، أذكره كما لو حدث في الشتاء. ما حدث في تلك اللحظة لا يمكنني نسيانه أبدًا ومازلت أعود بذكرياتي للوراء وأذكره.
كنت في سنتي الجامعية الثانية، عندما عدت إلى منزلي في الريف في إجازة الصيف وراعتني أمي وبالغت في خدمتي كصغيرها المدلل. بسبب ذلك استطعت قضاء وقتي مسترخيا كل يوم. أنام واستيقظ وقتما أشاء، أضيع الوقت بين القراءة والأفلام، وإن شعرت برغبة في ذلك أدعو جاري صديقي ونذهب معا في رحلة بالسيارة إلى البحر وإلى الجبل. باختصار كنت أعيش حياة الجرادة من حكايات إيسوب.
وفي ليلة حارة ورطبة، دخلت إلى الحمام بعد العشاء ثم شاهدت برنامجا تلفزيونيا عَبِث ثم ذهبت إلى النوم.
أيقظني في منتصف الليل صوت بعوضة، لعلها دخلت من فتحات النافذة الشبكية، لم يكن بيدي خيار آخر ففتحت النور وتخلصت منها.
تبقى على راحة يدي آثار دماء والبعوضة المنسحقة. ظننتها قرصتني وتأكدت ولكن لم أجد أي أثر لقرصة، لا يهم إن كان دمائي، ولكن دماء الآخرين تشعرني بعدم الراحة والقرف.....
مسحت يداي بمنديل وأطفأت الأنوار وعدت للنوم.
قد يكون السبب في هذا أنني أخذت قيلولة طويلة أو ربما لأني شربت الجعة بعد خروجي من الحمام أو بسبب لعنة هذه البعوضة ... على أي حال لم أستطع النوم.
قمت من السرير وفتحت الأنوار، كانت الساعة قد أصبحت توًّا الثانية.
بدلت قميصي المندى بالعرق ودخلت المطبخ وغسلت يداي بالصابون، ثم بعدها ملأت كوبًا من الماء ولحظة ما شربته كله، سمعت صوت ضفادع من بعيد، عندما اختلست النظر من النافذة وجدت أنوار الشارع تتلألأ، وقد جذبني هذا الضوء، وأخذت أترنح مثل الحشرة حتى الباب الأمامي وفتحت الباب.
كانت المنازل من حولي مظلمة بالطبع، محلات البقالة التي في المنطقة غبية لا يوجد بها حتى آلات البيع الذاتي، حاولت الخروج لكن لم يكن لدي مكان أذهب إليه. ___ صحيح! هناك الحديقة التي اعتدت اللهو بها عندما كنت طفلا، لما لا أذهب هناك؟ وقد أستطيع التقاط بعض الخنافس هناك. وذهبت في تمشية ممتلئًا بالحماس كالصبي في وسط الليل.
لم أكن أسمع شيئًا سوى الضفادع وصوت صندلي يحتك بالأرض، ولكن كلما اقتربت من الحديقة يغطي صوت تيار النهر كل هذا. يوجد طريق ضيق أمام الحديقة، إن ذهبت إلى اليسار من هذا الطريق وذهبت في خط مستقيم ستجد جسرًا. هذا الجسر الحديدي، كان يدعى بين الأطفال بـ "الجسر الأحمر" ولكن الآن بهت لونه بالكامل وامتلأ بالصدى فأصبح أقرب للون البني عن الحمرة.
أصبحت أرى الحديقة، عندما عبرت الطريق الذي أمامها، لمحت امرأة تقف وحدها على الجسر وتحدق شاردة في النهر. في حوالي الثلاثين من عمرها وشعرها طويل ترتدي معطفًا رمادي اللون. ___ فكرت في نفسي: ما الذي تفعله في هذه الساعة؟ ولكن سألت نفسي هذا السؤال أيضًا. لم أهتم وأدرت عيني ناحية الحديقة، ولكن في اللحظة التالية لاحظت شيئًا غريبًا وتفاجئت.
معطف رمادي.. معطف؟ في الصيف؟!
وبخوفٍ وحذر نظرت ناحية الجسر، ووجدت أن السيدة قد اختفت... كاد قلبي يكسر ضلوعي من شدة الخفق. لا يوجد أي مكان لتختبئ فيه في وسط الجسر الطويل، وإن ركضت إلى مكان ما كنت سألاحظ بالتأكيد! هل ألقت نفسها في النهر؟ أم أنه أنا من أخطأت في الرؤية؟ لم أستطع سوى التفكير في هذين الاختيارين. ولكنني لم أعتقد أيضًا أن أيهما صحيح.
___ إنها شبح
"هـ هذا غير حقيقي.." ارتعش جذعي خوفا، لم تكن لدي الشجاعة كي أذهب إلى منتصف الجسر واتأكد مما حدث. صرخ صوتٌ من داخلي يقول لي "اهرب!". هرولت بكامل قوتي إلى البيت، وفي منتصف الطريق خُلع الصندل فتعثرت وكدت أسقط، وصلت البيت وسرعان ما قفزت إلى غرفتي ودفنت نفسي أسفل الغطاء. مازال جسدي مرتعدًا ويرتعش من شدة الخوف.
أصبحت الساعة العاشرة صباحًا تقريبًا واستيقظت أخيرًا. نمت بعمق عكس ما توقعت، ما حدث بالأمس بان لي حلمًا ولكن عندما وقفت آلمتني ساقاي وأصبعي الصغير ألمًا نابضًا، بالتفكير في الأمر فعندما خُلع مني الصندل تعثرت في حجر .... أيعني هذا أنه كان حقيقيًا بعد كل شيء....
غسلت وجهي في الحوض ولكن لم يفارقني شعور الاكتئاب. عندما كنت أحمص خبز التوست في المطبخ انتهت أمي من نشر الغسيل وجاءت لنشرب الشاي معًا. ومن دون سابق إنذار فكرت أن أخبر أمي عما حدث لي، فبالتأكيد ستقول شيئًا مثل "لا تقل تلك الأشياء الغبية فهذا الكلام من المستحيل!" ونضحك سويًا.
فبدأت بالحديث بينما أدهن الزبدة على خبز التوست.
"اسمعي يا أمي، ليلة أمس قد ..."
ولكن شحب لون وجه أمي في منتصف كلامي وهي تسمعني، وعندما انتهيت من الحديث وضعت أمي قدح الشاي على الطاولة وهي صامتة.
"سأخبرك بشيء.... في شتاء العام الماضي، ماتت امرأة في التيار العلوي من هذا النهر. سمعت أنه غير معروف إذا كان حادثًا أو انتحارًا ..."
"ماذا؟!"
سقط خبز التوست الذي كدت أقطمه من يدي اليسرى، وفي الوقت نفسه شعرت وكأن جسدي قد تجمد.
فكرت في الذهاب إلى المكتبة والبحث عن مقالات جريدية عن هذا الحادث ولكن لن يغير هذا شيئًا.... وفي النهاية، خرجت للتمشية في حديقة المنزل غير قادرٍ على التركيز في الكتب أو الأفلام.
كان هناك زهور عباد الشمس مزروعة بطول الطريق. إنها زهرة أمي المفضلة. بدت زهور عباد الشمس لي حزينة أثناء شمس الغروب. فتلك المرأة، حتى لو لم تنتحر، أتساءل كيف شعرت وهي تتجه إلى النهر في الشتاء البارد المظلم. ألم يكن يمكنها الخبز بشكل مستقيم مثل عباد الشمس هذا دون التفكير كثيرًا في صعوبات الحياة؟ فهذا شيء لا يفهمه جرادة مثلي....
خطرت لي فكرة فجأة بينما كنت أحدق في عباد الشمس، فالتقطت مقصًا من البيت وعدت. ثم وقفت أمام أجمل زهرة عباد شمس متفتحة. ___ سأعتذر لأمي لاحقًا.
مشيت وعباد الشمس بيدي، وقد لونت شمس الغروب الجسر باللون البرتقالي. ذهبت حتى منتصف الجسر وألقيت عباد الشمس في النهر. وبعدها ضممت يداي وصليت من أجل المرأة.
أتمنى أن تكون الامرأة قادرة على عبور الجسر الذي بين هذا العالم والعالم الآخر....
بفعلي هذا فقد خطوت سلمة في سلم النضوج وأخيرًا تخرجت من صومعة الجرادة ونضجت كنملة عاملة جادة.
أذهب للعمل حتى في الشتاء البارد. أثناء قيامي بذلك، أمر أحيانًا بامرأة ذات شعر طويل وترتدي معطفًا رماديًا. عندها أتوقف فجأة واستدير، أجدها هناك. أمسك صدري بارتياح. ومع ذلك، إن تصورت أنها ليست موجودة ... يتجمد جسدي بالكامل مجددًا وأتذكر ليلة الجسر الأحمر.
في ثقافة الزِن، عبور الجسر يرمز إلى الرحلة بين العالم الفاني إلى الحياة الآخرة وتطهير المرء من الأعباء الدنيوية. من خلال هذه الرحلة يختبر الفرد إحساسًا رمزيًا بالنقاء والسلام الداخلي والاتحاد مع الطبيعة.
ولعل أكثر الجسور اليابانية شهرة هو الجسر الأحمر المقوس، دلالة الجسر نفسها أما اللون الأحمر فلديه دلالة منفردة.
اللون الأحمر لون مهم في الثقافة اليابانية؛ حيث يمثل الحكمة والتحول وكل ما هو مقدس، وهو لون متشابك جدا من الزن، وبالتالي يشجع الفرد على رفض الأشياء الدنيوية في رحلته عبر الجسر.
________
تتحدث قصة الجرادة والنملة عن جرادة كانت ذات يوم في غاية السعادة، فظلت تلعب وتغني طوال اليوم، وكان الجو دافئا في غاية الروعة، وكان هناك من الطعام ما يكفي جميع الحيوانات، فكانت كل الحيوانات في منتهى السعادة. وفي أحد الأيام قابلت الجرادة نملة، وقد كانت مشغولة بجمع الطعام، وتعمل بجد وجهد، فقالت لها: لماذا تعملين بجد، وهناك الكثير من الطعام؟! فردت عليها النملة: ليكون عندنا طعام غدًا، فسخرت منها الجرادة، وقالت لها: عليك أن تلعبي وتستمتعي بوقتك. ابتعدت الجرادة عن النملة، ومرت الأيام، وعلمت الحيوانات أنه سيكون هناك أمطار كثيرة، وسيمتد هطولها لفتره طويلة، فأصبحت جميع الحيوانات مشغولة بجمع الطعام، ولازالت الجرادة تلعب. جاء فصل الشتاء فأصبحت الأرض مبللة بالمياه، وملأت المياه كل مكان، ولكن النملة بقيت دافئة، ولم تتبلل، بينما الجرادة حزينة لعدم وجود طعام لديها، فذهبت إلى النملة واعتذرت لها، فقبلت منها النملة الاعتذار، وقدمت لها الطعام. (باختصار الجرادة مهملة والنملة جادة في عملها)
________
Comments
Post a Comment